يقولون: نحن لا نريد أن نترك الساحة للأعداء، من علمانيين واشتراكيين وغيرهم!
الجواب:
ونحن أيضًا ما نريد أن يكون لأعداء الله سبيل على مؤمن، ولكن نقول للإخوة: ماذا أعددتم لهذا العمل؟ فإذا كنتم تأخذون بنفس وسائلهم، وتخضعون لقوانينهم، فلن تحصلوا على شيء إلا على التنازلات تلو التنازلات.
وقد يقولون: نحن نحرص على أن تكون الأغلبية في مجلس النواب معنا، ونفترض أنكم حصلتم على الأغلبية، فهل يجوز لكم أن تحكموا بحكم الأغلبية؟
الجواب:
لا يجوز، وقد كنا نسمع هذه النغمة، وهي: كيف نترك الساحة للأعداء؟
وهل تحبون أن يتولى عليكم علمانيون أو اشتراكيون أو غيرهم، يمنعونكم من التدريس والدعوة إلى الله، ويصادرون الإسلام؟ هكذا نسمع كثيرًا من القوم.
والواقع يثبت لنا أن هذه النغمات هي من باب الدعاية الانتخابية، وإلا فما هي الثمرة خلال أكثر من ستين عامًا؟
فقد حصلوا على نسبة كبيرة في المجالس النيابية في الباكستان وفي تركيا وفي الأردن وفي الكويت وفي مصر وفي اليمن وغيرها، ولم يحصل أنهم غيَّروا من مناهج الخصوم، بل خدموهم وتحالفوا معهم في أكثر من بلد، وهذا واضح كوضوح الشمس.
أما نحن فلا نحب أن يتولى أحد إلا الصالح، فإن لم يوجد صالح، ولم يتيسر، صبرنا على حكامنا الموجودين، ونصحناهم بالكتاب والسنة، فإن أمروا بمعصية؛ لم نطعهم، وذكرناهم بأيام الله في الأمم السابقة، عندما أعلنوا بالمعصية، وحاربوا الله بالانحراف عن نهجه، كيف نقض الله بنيانهم، وأذهب ملكهم، وسلّط عليهم الأعداء، فأخذوا ما بأيديهم، وساموهم سوء العذاب، فلسنا أصحاب حماس فارغ، ولا ثورة تضر أكثر مما تنفع، ولسنا ممن يدق أبواب السلاطين، ولا ممن يمد يديه إليهم، ولا نبرر انحرافهم عن الصراط المستقيم، وهل كان منهج سلف الأمة إلا هذا؟
لكننا ابتلينا في هذا العصر بأقوامٍ إن أعطاهم الحُكّام من دنياهم ووظائفهم رضوا، وقالوا: هؤلاء الحكام أحسن من غيرهم، وإن منعوهم؛ سخطوا وفزعوا إلى المساجد والمنابر يكفرونهم، ويدعون إلى الجهاد ضدهم، ويحرضون عليهم.
فإن حاججناهم بمنهج السلف الذي يأمر بالنصح وعدم التشهير المفضي على الشر، قالوا: أنتم عملاء للحكام!
ولستُ أدري من أحق بهذا الوصف؟ أهو الذي يهرب من مجالسهم، أم الذي يقف عند أبوابهم صباح مساء ؟!!