الشبهة(8) : نحن دخلنا«الانتخابات» من أجل أن نقيم دولة الإسلام!



يقولون: نحن ندخل في «الانتخابات» من أجل أن نقيم دولة الإسلام!
فكيف يقيم دولة الإسلام، ويحكم بشرع الله، من بدأ بالتنازل من أول وهلة؟! أليس قانون «الانتخابات» جزءًا من الدساتير العلمانية المستوردة مِنْ قِبَل الكفار؟
الجواب : بلى.

فإذا كانوا حقًّا سيقيمون دولة الإسلام على حد زعمهم فلماذا ما يبدأون بإقامتها برفض «الانتخابات»، ويقولون: نحن ما نقبل «الانتخابات»؛ لأنها نظام طاغوتي؟
ما سمعنا أحدًا منهم تبرأ ورد هذا البلاد. فعند خضوعهم للدستور في قضية «الانتخابات» صاروا محجوجين بهذا التنازل، إذا أرادوا أن يصححوا أي حكم من أحكام «الديمقراطية».
كيف يرضون أن يحكمهم نظام الغرب، ويقولون: نحن سنقيم حكم الله؟‍ فالقضية قضية شعارات فقط.
ونحن نعد هذا التصرف من إخواننا تنازلاً، وهم دائمًا يُهبطون على سلّم التنازل، وعلى سبيل المثال: كانوا يقولون: سنقيم دولة الإسلام، ودندنوا بهذه الكلمة، ثم ما شعرنا إلا وعندهم شعار جديد، وهو: { إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ }.
فتنازلوا من إقامة دولة، إلى الإصلاح ما استطاعوا على حد زعمهم!
ولا شكّ أن المسلمين يصلحون ما استطاعوا.
وهذا الشعار الذي أبدوه أخيرًا من جملة تنازلاتهم، ومفاده أنهم قد فشلوا في إيهام الناس حول إقامة دولة الإسلام، وما داموا على سلم التنازلات فنخشى أن يضيعوا أكثر فأكثر، لأن الانحرافات تبدأ شيئًا فشيئًا، وصدق الله إذ يقول: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ } النور.
فانظر إلى نهاية الذي يريد الإصلاح ما استطاع، إذا به يأمر بمخالفة الشرع باسم المصلحة، والتنازل عن شيء من الحق، سبب لإنزال العذاب الإلهي عاجلاً وآجلاً، قال الله سبحانه وتعالى:{ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا } الإسراء.

إذن فما قيمة التنازلات؟ وما مدى الانتفاع بها، إذا كان هذا المتنازل سيذوق من الله سوء العذاب في الدنيا والآخرة؟ {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}،  { وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ} .
فالكفار هنا لا يطلبون من النبي × أن يترك دينه؛ لأنهم قد علموا أنه لا يترك دينه؛ لكنهم يطالبونه بالتنازل، ولو في بعض الحقّ، فربنا يمتنّ على نبيه صلى الله عليه وسلم بما منحه من الخير والفهم الصحيح والثبات والعصمة عند مواجهة المشركين. وأفادت الآية أن اكتساب أصحاب الزعامات والسلطات، ليكونوا في صف الدعوة على حساب الدعوة إلى الله؛ لا يجوز، لأن التنازل عن شيء من هذا الدين، باسم تحقيق مصلحة الدعوة ؛ لا يجوز، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } المائدة.
خاب وخسر من ظن أنشه سيعيش سالماً، ويتنازل عن شيءٍ من الإسلام، وهو في مقام الدعاة والعلماء والقدوة الحسنة.. وإلى الله المشتكى.
تنبيه:
كثير من الناس يطلق قوله: نريد أن نقيم دولة إسلامية، ونحن – ولله الحمد – في بلاد إسلامية، ليست كافرة، وإن كان فيها كثير من المخالفات الشرعية، إلا أن ذلك لا يسوّغ تكفيرها، وإخراجها من جملة البلاد الإسلامية. وإذا جارينا غيرنا في هذا الاصطلاح، فمرادنا به: قيام الدولة الإسلامية الراشدة، التي تسير على منهاج النبوة ما أمكن، فليُتَنَبَّه لهذا، والله أعلم . 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites