قد يقول قائل: قد أفتى بشرعية «الانتخابات» علماء أفاضل من أهل السنة، وليسوا حزبيين، كمحدّث العصر فضيلة الشيخ الألباني، وسماحة المفتي العام الشيخ عبد العزيز بن باز، وفضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمهم الله، فهل ندخل هؤلاء فيما سبق؟.
الجواب :
كيف ندخلهم فيما سبق، وهؤلاء العلماء الأفاضل هم علماؤنا وقادتنا وقادة هذه الدعوة المباركة، وهم حماة الإسلام، وما تعلمنا إلا على أيديهم، ومعاذ الله أن يكونوا حزبيين، بل هم المحذّرون من الحزبية، وما سلمنا من الحزبية إلا بتوفيق الله ثم بنصائحهم، ونصائح أمثالهم كالشيخ الجليل المُحدِّث مقبل بن هادي الوادعي يحفظه الله تعالى. وكتبهم وأشرطتهم طافحة بالتحذير من الحزبيات.
فإذا كانوا يحرمون الحزبية، فليس لأصحاب الحزبية فيهم نصيب لتبرير ما يريدون أن يمضوه ويخدعوا به المسلمين، وبالذات الشباب المسلم، المتمسك بدينه، الراضي بالحق، السائر عليه.
وأما بالنسبة لفتوى هؤلاء العلماء فهي مقيدة بضوابط شرعية، ومنها: تحقيق المصلحة الكبرى، أو دفع المفسدة الكبرى بارتكاب الصغرى، مع بقية ضوابط هذه القاعدة، ولكن دعاة "الانتخابات" لم يراعوا هذه الضوابط.
تنبيه:
لماذا نرى الحزبيين لا يشيدون بفتاوى علمائهم الذين يفتون بشرعية "الانتخابات"، وإنما يشيدون بفتاوى علماء أهل السنة كالألباني وابن باز وابن عثيمين حفظهم الله؟
الجواب: إن علماء السلطة والأحزاب في بلاد المسلمين أحرقتهم الحزبية، فإنها مرض فتّاك، فصار الناس غير مقتنعين بفتاواهم، لأنهم يعرفون أنهم يُلبّسون عليهم في مسائل من الدين، فرأوا أن يكون علماء السنة في واجهة هذه الحزبية، وهكذا من تلبيساتهم يستخدمون فتاوى علماء السنة لصالحهم، متى اضطروا إلى ذلك، ومتى استغنوا عنهم قالوا: هم جهّال لا يفقهون الواقع، وكالُوا لهم التهم.
وعلى سبيل المثال: عند أن أفتى الوالد/ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في قضية الصلح مع اليهود بشروط وضوابط، قامت قيامتهم، ولم تقعد، ومن يستطيع أن يسكتهم؟ ومن يستطيع أن يقنعهم؟ وصار كل واحد من هؤلاء يصدر الفتوى.. ولم يبق الأمر عند الكبار فقط. وكأن ابن باز رحمه الله رجل لا خبرة عنده، ولا علم عنده، بل صارت خطب الجمعة بهذا الصدد حنّانة رنّانة، والحمد لله أن علماء "السنة والجماعة" يحسنون الظن بالناس ويصبرون. والله يعلم المفسد من المصلح.
وأيضاً يلزمهم إذا كانوا يعتمدون على فتوى الألباني وابن باز وابن عثيمين أن يقبلوا فتاواهم في تحريم الحزبية، وتحريم الموالد، والذبح لغير الله، والتقليد لليهود والنصارى.. وما أشبه ذلك من المحرمات التي يفعلونها. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
شروط الأخذ بقاعدة: «ارتكاب المفسدة الصغرى لدفع الكبرى»
1- أن تكون المصلحة المرجوة حقيقية لا وهمية، فلا نرتكب المفسدة المحققة ، لجلب مصلحة وهمية، ولو كانت «النظم الديمقراطية» خادمة للإسلام وشريعته خدمة حقيقية، لنجحت في مصر أو الشام أو الجزائر أو الباكستان أو تركيا أو أي بلد في الدنيا من ستين عاماً.
2- أن تكن المصلحة المرجوة أكبر من المفسدة المرتكبة، بفهم العلماء الراسخين في العلم، لا بفهم المولعين بالحزبية أو الحركيين أو المنظرين للأحزاب.
ومن عَلِم أن من مفاسد" الديمقراطية" الكثيرة: نسخ شريعة الإسلام، والاستغناء عن الرسل عليهم السلام، لأن الحلال والحرام يدرك بما تراه الأغلبية، لا بما تخبر به الرسل عليهم السلام.
ومن عَلِم أن من مفاسد "الديمقراطية": ضياع مبدأ الولاء والبراء من أجل الدين، وتمييع الوضوح العقائدي، لكسب القلوب، ومن ثَمّ الأصوات، ومن ثَم المقاعد البرلمانية، من عَلِم هذا؛ فما كان له أن يقول: إن دخول هذه المواضع أخف الضررين، بل العكس هو الصواب، ولو سلّمنا بالتساوي هنا، فدرء المفاسد مقدّم على جلب المصالح.
3- ألا يكون هناك سبيل آخر لجلب هذه المصلحة، إلا بارتكاب هذه المفسدة؟.
وهنا لو قلنا: بذلك فقد حكمنا على نهج محمد × بأنه غير صالح لإقامة حكم الله في الأرض مرة أخرى.
أما أهل الحق فيعلمون أن سبيل "الديمقراطية والتعددية الحزبية" ما تزيد الأمة إلا وهناً، ولذا حرص عليها أعداء الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم، وقاموا بحراسة هذا الوثن طيلة هذا الوقت.. والله من ورائهم محيط.
0 التعليقات:
إرسال تعليق